الخالة الزازية


ادارت وجهها نحوي باسمة واثار السواك من على شفتيها بادية فهزني في وجهها ضوء طارئ غريب، وكان الوشم يلمع مثل نقوش طقوسي مبهور بجذوره، وجهها مدخل بلدي الكبير تونس او افريقية، دربه الاخضر برجه مرصع بالوشم وجهها غابة من غابات ادغال افريقيا تفتقد فيها الوحوش ذاكرتها ، صباحك دقلة وحليب ايتها الام المؤلمة.....
جمعتني بها القرابة والموطن، وجهها البدوي القمحي الداكن كغيمة مهاجرة اختطفتني اجراس المشرق، امتصني حزن عميق، طفت بالوجه مرارا علي اجد مدخلا سريا الى شتات المعاني النائمة خلف الاهداب او علي افكك سر تلك الرموز او الطلاسم او الخربشات والاشكال الهندسية المحفورة على الجبين بالحديد والنار والقدر السري..
على جبين الخالة الزازية او الجازية حفريات مسمارية تعود بك  بعيدا الى كتابات القرطاجنيين او الاشوريين او البابليين والى طقوس وعوائد ينشا فيها الرمز محفوفا ومحدودا بالجرح،  والى مخيال مشفوه يروي نسيجا من الحكايات والخراريف اختزلتها الذادرة الجماعية في قصاص المي مرجعه ومنتهاه وحده الاقصى: المكتوب عى الجبين لازم تشوفو العين.....الوشم الازرق الحفري العميق كتابة اخرى على الجبين وربما..ربما مجرد ترجمة مازوشيةـ صادية ملغزة لكل تلك الحالات التي تكسرت على عباتها الواقعية والعقلانية في العصورالجليدية المستحدثة مثلما تكسرت على عتباتها القدرية والجبرية والدهرية في العصور الحجرية القديمة.
ان الحديث مع الخالة الزازية البدوية حتى النخاع، يقول دائما اشياء اخرى بطرق اخرى تستثير شهية اللغة وحميميتها: يتراص الكلام ويتقاطع، يتكسر، يضمحل وينائ، يبتعد، يتشتت ويموت وتعود من حيث بدؤك الاول، فكرة شحيسحة تستجدي وجها ريفيا او بدويا خصبا ومعبا كمنجم كادح يعطيك بعض مفاتيح مغاليقه فياخذك معه الى زمن البدايات والبداوات الصعبة يطوفك في منعرجاته الكثيرة وتخرج كما دخلت محبا او محاربا او محاولا او محتفلا بالهناك وحده بالريف النابت في وجه الخالة زازية مثلما ينبت الحشيش بين مفاصل الصخر مثلما ينبت الكركري والكميدة و النجم والديس والقصب مثلما تنبت الانهار والهضاب وعروق الرمل والجبال والمنحدرات وطابية الغبيرة ومثلما تنبت حمالات الماء والحطب والعشب والتمر ومثلما تنبت المراة البدوية او الريفية وسط البيدر اوالواحة او وراء المنسج وفوق مفرش الزيتون ووراء المنجل والمحشة وامام الغربال والرحى في اقاصي الخارطة العزيزة في وضع نضالي يومي وفي حركة شغيلة تنهض بتحصيل المعاش ابتداءا بالضروري والبسيط منه قبل الحاجي والكمالي لتدير طواحين اقتصاد عائلي يقوم على المراة اولا واخيرا واساسا...

محمد لمجد الشائبي