القادوس


اعتمد القادوس لقياس زمن الري في واحة توزر ، وهو استعمال قديم تمت الإشارة إليه منذ القرن 11 م. فحسب البكري فإن سقي اليوم الكامل هو 192 قدسا ، أي بمقدار 7.5 دقيقة للقادوس الواحد. وقد تطور مقدار قادوس توزر إلى أن أصبح موافقا لخمس دقائق حسب آخر استعمال له في بداية القرن العشرين.
بالنسبة للوقفية المرادية فقد وقع الاكتفاء فيها بذكر عبارة "القادوس المصطلح عليه بتوزر"  في إشارة إلى اختلاف مقداره من منطقة إلى أخرى. غير أن الالتجاء إلى بعض وثائق الأرشيف يمكن أن يوضح لنا هذه المسألة ، حيث احتوت إحدى هذه الوثائق التي تعود إلى نهاية القرن 19 معلومات مفادها وجود قادوس مرجعي معتمد في واحة توزر منذ أكثر من قرنين يسمى "قادوس سيدي التواتي" وقيمته حوالي 4 دقائق أي أنها من المرجح أن تكون قيمة "القادوس المصطلح عليه بتوزر"  كما ورد في الوقفية المرادية . وتجدر الإشارة إلى أن أهم استعمال للقادوس بواحة توزر هو لقياس مدة تفويت صاحب الحق في الماء إلى غيره ، وهو ما يحيلنا إلى مسألة بيع الماء وشراءه في منطقة الواحات بصفة عامة. وقد جاء في وقفية  القادوس عبارة عن إناء في أسفله ثقب يملأ ماء ، والمدة التي يستغرقها نفاذ الماء منه تسمى قادوسا ، أي أنه يستعمل للدلالة على الآلة والوحدة معا.
عند التنصيص على حقوق الشرب لكل سانية ، من ذلك مثلا أن "جميع السانية نخيلا بغابة توزر بجر ساقية السواني وتعرف بسانية قرّة...من حقوقها الشرب المعلوم لها نصف يوم يخرج منه خمسة وعشرون قادوسا وباقيه لها في دور سبعة أيام..."، أي أن "سانية قرّة" مطالبة بالتفويت بما يوافق مدّة خمسة وعشرين قادوسا من جملة مدّة نوبتها المحدّدة بنصف يوم وذلك لسانية أخرى.
إن ظاهرة بيع الماء في واحة توزر قديمة ، حيث أشار إليها البكري بقوله:" كل ساقية سعة شبرين في ارتفاع فتر يلزم كل من يسقي منها أربعة أقداس مثقال العام ، وقيل يلزم كل من يسقي نهارا أربعة أسداس المثقال في العام ، وبحساب ذلك في الأكثر والأقل...". وقد تواصلت هذه الظاهرة إلى بداية القرن العشرين.
إن دراسة نظام توزيع الماء بواحة توزر تسمح لنا بالقول بأنه لم يكن بمستوى الصرامة الفائقة التي أشير إليها غالبا ، وهو ما يمكن أن نتبينه من خلال مبدأ  "التثقيل" الذي تقدّم الوقفية المرادية أقدم إشارة نصّية إليه.والتثقيل ، كما ورد تعريفه ب"جدول الماء"، هو "الحق لبستان مجاور لساقية في أخذ جانب من كمية الماء في الأيام التي تجري فيها الساقية في بعض الأجنة الصادر منها الماء...ومدة التثقيل يقع قيسها بالقواديس ومقدار الماء المأخوذ لا يمكن أن يكون أقل من سبع كمية الماء بالساقية ، والتثقيل يكون دائما نهارا ، ولا ينطبق ذلك بتوزر إلا على ساقية قرناز أثناء بعض سويعات من يومي الأحد والجمعة وعلى مجرح من مجارح مصرف التوانسة صباح يوم الأحد "  يوافق هذا الوصف كثيرا ما جاء في وثيقتنا التي تذكر بدورها أن التثقيل ينطبق على ساقية قرناز ويكون يومي الأحد والجمعة. كما أن التطابق في الوصفين يؤكد أن نظام توزيع المياه في آخر استعمال له كما إن اعتماد مبدأ التثقيل و الإستفادة منه بشكل يصعب معه مراقبة كمية الماء المأخوذة يعكس لنا وجود ملاكين متنفذين في الواحة بإمكانهم الاستفادة أكثر من غيرهم بمياه الري. ولعل هذا الأمر في علاقة بظهور عائلات أو عشائر قوية سيطرت على مدينة توزر بشكل كبير مثل عائلة بني يملول في الفترة الحفصية وعشيرة أولاد الهادف خلال العصر الحديث.
الدكتور ذاكر سيلة " ملاحظات حول مدينة توزر .. " مجلة السبيل